
بقلم : لمياء صلاح
لم تكن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت اجتماع قادة حماس في قلب الدوحة مجرد عملية عسكرية، بل رسالة سياسية مزدوجة: إسقاط مفهوم “المساحات الآمنة” لقيادة الحركة، وتقويض دور قطر كوسيط رئيسي في مسار التهدئة.
لماذا قطر…؟إختيار الدوحة لم يكن مصادفة. فمنذ سنوات تحتضن قطر قيادة حماس السياسية، وتشكل القناة الأبرز للمفاوضات غير المباشرة بين الحركة وإسرائيل، كما لعبت دور الوسيط المحوري في إدارة ملف الرهائن ووقف إطلاق النار. استهداف قادة حماس على أراضيها يضعف هذا الدور، ويبعث برسالة إسرائيلية واضحة مفادها أن “الوسيط ليس محايداً”، وأن تل أبيب مستعدة لاختراق حتى الحلفاء المقربين من واشنطن إذا اقتضت مصالحها الأمنية.
غير أن ما حدث حمل تداعيات أوسع. البيت الأبيض فوجئ بالعملية، إذ علم بها ترامب قبل دقائق قليلة عبر القنوات العسكرية الأميركية، لا من إسرائيل نفسها. هذا التجاهل أهان واشنطن وأحرج وساطتها، وجعل قطر تتساءل عن جدوى التنسيق مع إدارة لا تملك حتى القدرة على ضبط حليفتها الأقرب.
إسرائيل أرادت تعزيز الردع ورفع صورة القوة، لكنها في المقابل أضعفت شبكة التحالفات المحيطة بها، وخلقت فجوة في العلاقة مع الولايات المتحدة في لحظة تفاوض حساسة. أما قطر، فوجدت نفسها بين الاستهداف المباشر وواجب الحفاظ على دور الوسيط، وهو ما قد يضعف موقعها التفاوضي مع حماس.
الخلاصة أن العملية في الدوحة، وإن حققت لإسرائيل نصراً عملياتياً، إلا أنها فتحت باباً لأزمة استراتيجية أوسع: اهتزاز ثقة الحلفاء في التنسيق الأمني، وتعريض وساطة ترامب لأصعب اختبار منذ اندلاع الحرب.





