
نقلا عن آكشن سبورت
قدّم الفنان الكبير أبو عركي البخيت، وفي لفتة وفاء إنسانية غير مستغربة من قامة فنية عملاً غنائياً مؤثراً يحمل رسالة امتنان إلى ابنه سيزار، تقديرًا لعطائه ومواقفه النبيلة خلال الحرب التي شهدتها مدينة أم درمان.
عُرف عركي في الوسط الفني والوطني بوفائه ونبله، إذ لم يكن يومًا باحثًا عن الأضواء رغم سجله الحافل بالعطاء والإنسانية، فهو فنان ظل يُغني لقيم الحرية والسلام، ويجعل من فنه صوتاً للناس والوطن.
صمود الفنان في بيت الذكريات
خلال الحرب، بقي أبو عركي البخيت في منزله بأم درمان، متمسكًا بجدران تحمل ذاكرته وذكرياته، رافضًا مغادرتها رغم الخطر. على باب ذلك المنزل رسم بريشة الإيمان مقطعًا من رائعة “عزة في هواك”، وكأنما أراد أن يجعل الفن حارسًا للوطن.
وسط أجواء القتال، التُقطت صور للفنان الكبير محاطًا بجنود من القوات المسلحة وأخرى من قوات الدعم السريع، لكن فوهات البنادق كانت تخبو أمام ضوء الأمل المنبعث من وجهه الهادئ، وكأنه يبعث برسالة: «هذا الشعب العظيم يستحق الحياة والكرامة لا الحرب والدمار.»
الفنان الصوفي والموقف الوطني
ظهر عركي خلال الحرب بشعره ولحيته الطويلة، في هيئة الزاهد الصوفي الذي آثر البقاء في محرابه الفني والإنساني. لم يستسلم للحزن ولا للموت، بل ظل يزرع الأمل في محيطه، مؤمنًا بأن الفن رسالة للحرية والديمقراطية.
ورغم مناشدات الأصدقاء ومحبيه له بمغادرة البلاد، ظل رده ثابتًا:
“لن أغادر بيتي والوطن يتألم.”
سيزار.. الابن الذي حمل همّ الناس والحي
كان سيزار، ابن الفنان الكبير، رفيق والده في المحنة، يسانده في الحياة اليومية ويقدّم المساعدة للأسر المتضررة، ويهتم بالحيوانات والطيور وسط ظروف قاسية. تلك المواقف حفرت في قلب الأب أثراً عميقًا دفعه لأن يرد الجميل بطريقته الخاصة، عبر كلماتٍ صادقة ومليئة بالمحبة والامتنان.
لقاء مع جهاز المخابرات العامة
في سياق آخر، تداولت وسائل إعلام سودانية خبر إشادة الفنان أبو عركي البخيت بتضحيات جهاز المخابرات العامة خلال معركة الكرامة، معتبرًا أن ما رآه بأم عينيه من جهود الجنود والضباط غيّر كثيراً من نظرته تجاه الأجهزة الأمنية.
وخلال لقائه بمدير جهاز المخابرات بمحلية أمبدة العميد أمن عبد الباسط حبيب الله، قال عركي إن زيارته جاءت عرفانًا بالدور الكبير الذي قام به الجهاز في حماية المواطنين وتأمين ممتلكاتهم، مشيرًا إلى أنه عاش تجربة قاسية في منطقة الدوحة برفقة أبطال المخابرات، الذين أظهروا معدنًا وطنيًا أصيلاً.
كما أعرب الفنان عن استعداده للمساهمة في أي جهد وطني يحمي السودان، مثمنًا دعم مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل للفنانين والمبدعين، ومساندته الشخصية له أثناء الحرب.
وردّ العميد عبد الباسط الزيارة لاحقًا إلى منزل عركي بأم درمان، في بادرة تقدير متبادلة تعبّر عن روح السودان الأصيلة.
رسالة امتنان لابنه سيزار
في ختام تلك التجربة القاسية، اختار الفنان الكبير أن يوجّه رسالة مؤثرة إلى ابنه سيزار، حملت عنوان أغنيته الجديدة “تعبك مقدّر يا حبيب”، جاء فيها:
ما تقول براك يا ولدي العزيز
أحلف ليك بربنا الخلَق البشر والكائنات
والله جد شائل معاك
وتعبك مقدّر يا حبيب
إنت الحارس دار أمك وإخوانك وأبوك وجيرانك
يا أخو الأخوات وسندهن في ساعة الضيق
وحنعيشو أنا وإنت بمعاناتو
وكان مقدر لينا نغوص في هزَبانو المريع وتبعاتو.








