
بقلم : مجدي عبدالعزيز
لم يكن ما أقدمت عليه الإمارات مؤخراً من إجراءات قطع خطوط الطيران والنقل البحري من وإلى السودان إلا حلقة جديدة في سلسلة استهدافها لوطننا، بعد أن فشلت عسكرياً عبر مليشياتها الإرهابية التي رعتها بالمال والسلاح، وانهارت أوهامها في الجزيرة وسنار، وتجرعت الهزيمة الساحقة في الخرطوم حين حررت قواتنا المسلحة القصر الجمهوري وفكّت حصار القيادة العامة، ثم انكسرت على أسوار الفاشر بعد أكثر من مائتي هجوم فاشل.
وعلى الصعيد السياسي، فشلت أدواتها المتمثلة في كيانات “صمود” و”تأسيس” في تمرير مشروع الحكومة الموازية، وفشلت مساعيها لانتزاع اعتراف إقليمي أو دولي بها، كما سقطت رهاناتها على فرض حلول خارجية تخدم أطماعها في السودان.
واليوم، وبعد انكسار ربيبتها في الميدان، تحاول أبوظبي نقل المعركة إلى سلاح الحصار الاقتصادي، واهمةً أن السودان سينحني أمام ضغطها بوقف التبادل الجوي والبحري. بل أصدرت بياناً منمقاً مليئاً بالتضليل والازدواجية، تزعم فيه حرصها على السلام بينما تدعم بالسلاح والإعلام والسياسة مليشيا هدفها تدمير السودان ان لم يتم إخضاعه.
لكن السودان الذي صمد في وجه حصار أميركي ظالم شامل دام منذ 1983 وحتى العقد الثاني من الألفية الجديدة، في عالم كان يخضع لقطب واحد ونظام مالي أحادي، قادر اليوم – في عالم متعدد الأقطاب – أن يحوّل هذا التحدي إلى فرصة، ويعيد رسم خارطة تجارته واقتصاده بعيداً عن أي ابتزاز.
إن محاولات ضرب شريان الذهب السوداني، الذي يمثل حالياً ما يقارب 70% من الإيرادات السريعة التسييل، ليست سوى جولة جديدة في حرب الموارد. لكن هذه الجولة تحمل بذور فشلها منذ لحظتها الأولى، لأن السودان ليس رهينة سوق واحدة ولا ممر واحد. أسواق مصر، وتركيا، والسعودية، وقطر، وسلطنة عُمان، إضافة إلى المسارات البحرية المباشرة إلى آسيا، كلها بدائل جاهزة وقابلة للتطوير الفوري، إذا ما تحركت الدولة بجرأة وحزم.
بل إن قرار الإمارات سيعيد مليارات الدولارات من الذهب المهرب إلى القنوات الرسمية، ويمنح الدولة فرصة ذهبية لتركيب مصفاة وطنية للذهب تعظم القيمة المضافة، وتغلق الباب أمام شبكات التهريب التي ازدهرت تحت حماية دبي.
هذه ليست معركة اقتصادية فحسب، بل هي فصل من فصول معركة السيادة الوطنية التي يخوضها السودان في الميدان، وفي السياسة، وفي الاقتصاد. معركة لاستعادة القرار السوداني المستقل، وحماية موارده من أن تُختطف أو تُدار من عواصم بعيدة.
الشعب السوداني صار اكثر إدراكاً وأعمق وعياً بعد هذا الغدر المركب الذي استهدفه ، والان يدرك أن هذه الإجراءات لن تكسر إرادته، وأننا – كما هزمنا مليشيات ابوظبي على الأرض – سنهزم حصارها في البحر والجو، وسنفتح أبواباً أوسع لاقتصادنا نحو أسواق العالم، متسلحين بالثقة في الله وفي قدراتنا، وبالإرادة التي لا تلين.
وكما تنبئ الوقائع يومياً ، فإن شعبنا يقاتل ليبقى سيد قراره، مالك ثرواته، حرّاً على ترابه. وهذه معركة لا تعرف التراجع… والنصر فيها حتمي، ما دمنا متمسكين بالثوابت، واقفين صفاً واحداً خلف جيشنا وقيادتنا، ماضين في طريق الاستقلال الكامل، مهما كانت تضحياته.
،، واليّ الملتقي ..