
متابعات – نبض الوطن – حذر مرصد مشاد من أن السودان يواجه اليوم واحدة من أخطر الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، إذ يعاني أكثر من 24.6 مليون شخص انعداماً شبه كامل للأمن الغذائي في ظل انهيار اقتصادي شامل وتعطل الخدمات العامة وتوقف معظم شبكات الإغاثة. ويؤكد المرصد أن الأزمة الحالية ليست محض صدفة بل هي نتيجة مباشرة لإجراءات قوات الدعم السريع وسياساتها الممنهجة التي أدت إلى تعطيل الاقتصاد وعرقلة وصول المساعدات وتهجير السكان قسراً من أراضيهم، ما دفع البلاد إلى حافة مجاعة حقيقية لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً.
تشير تقديرات المرصد إلى أن 3.7 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد يهدد حياتهم مباشرة، وأن 1.2 مليون امرأة حامل أو مرضعة يواجهن نقصاً حاداً في الغذاء والرعاية الصحية، فيما تتعرض 11 مليون امرأة وفتاة لتداعيات صحية واجتماعية خطيرة تهدد حياتهن ومستقبلهن، ويواجه 5 ملايين شخص مرحلة المجاعة الحادة وفق تصنيف IPC، وهي مرحلة تضع حياتهم في مواجهة الموت والجوع بشكل مباشر.
يوثق المرصد وفاة ما بين 7 و11 شخصاً يومياً نتيجة نقص الغذاء والدواء، في ظل عرقلة ممنهجة لوصول المساعدات الإنسانية وسياسات تهجير واسعة فرضتها قوات الدعم السريع، ما يجعل حجم الكارثة يتصاعد باستمرار ويفاقم الانهيار الإنساني إلى مستويات غير مسبوقة. ويؤكد المرصد أن ما يجري يمثل جريمة تجويع ممنهجة ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي، إذ تُستَخدم المجاعة كسلاح حرب مباشر ضد المدنيين الأكثر ضعفاً دون أي مساءلة أو رادع.
ويدعو مرصد مشاد المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل وحاسم، يشمل فتح ممرات إنسانية آمنة لضمان وصول الغذاء والدواء إلى جميع المناطق المتضررة وفرض عقوبات صارمة على الجهات التي تعرقل المساعدات أو تستخدم التجويع كأداة حرب، وإعادة تفعيل آليات العدالة الدولية عبر المحكمة الجنائية الدولية ولجان الخبراء، وضمان دعم كامل وغير مشروط للمنظمات المحلية العاملة في الخطوط الأمامية. إن استمرار الصمت الدولي أو التباطؤ في التحرك يمثل شراكة غير مباشرة في الكارثة ويزيد من معاناة ملايين السودانيين ويدفعهم نحو مصير مأساوي لا يمكن تبريره.
السودان اليوم يواجه أزمة تهدد حياة أكثر من نصف سكانه، وكل يوم يمر يضيف المزيد من الأرواح إلى قائمة الضحايا ويعمّق معاناتهم إلى مستويات غير مسبوقة، مما يجعل المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وتاريخية لاتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ الملايين قبل فوات الأوان. إن السماح باستمرار هذا الواقع سيجعل السودان مسرحاً لأكبر مأساة إنسانية في القرن الحادي والعشرين، وسيظل صمت العالم وتقاعسه وصمة لا تُمحى في سجل التاريخ










