نبض السودان

(الخـــــــــارجية في عهد الشريف).. ترتيب البيت الداخلي

ترقية 64 سفيرًا فصلتهم لجنة التمكين بأثرٍ رجعيٍ..

(الخـــــــــارجية في عهد الشريف).. ترتيب البيت الداخلي

تقرير _ محمد جمال قندول

قامت وزارة الخارجية أمس الأول بترقية (64) سفيرًا بأثرٍ رجعيٍ، عقب إعادتهم إلى الخدمة بحكمٍ قضائيٍ من المحكمة العليا.

فحوى الخبر جعل وزارة الخارجية في عهد السفير الدكتور علي يوسف تحت مجهر الأحداث، لا سيما وان الدبلوماسي المعتق استطاع إحداث اختراقٍ حقيقيٍ في ملف العلاقات الخارجية، ويبدو واضحًا كذلك انشغاله بترتيب البيت الداخلي والاستعانة بأصلب العناصر الدبلوماسية التي حاولت لجنة إزالة التمكين إزاحتها عن سُدة الوزارة.

الإصلاحات الإدارية

وبحسب “صحيفة السوداني” فإنّ قرار الترقية شمل 19 سفيرًا من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى، وترقية “45” من الدرجة الثالثة إلى الدرجة الثانية.

ويرى رئيس تحرير صحيفة “الانتباهة” بخاري بشير أنّ وزارة الخارجية تعتبر من أكثر مؤسسات الدولة السودانية التي تأثرت بقرارات لجنة إزالة التمكين في عهد رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، علمًا بأنّ الدولة السودانية كلها بجميع مؤسساتها قد تأثرت باللجنة “سيئة الذكر” التي نصبت نفسها (القاضي والحكم)، وأطاحت بعدالة وشفافية النظام القضائي والقانوني، وركلت برجلها السياسية العرجاء كل موروث السودانيين في التسامح والمساواة أمام القضاء.

ويضيف محدّثي أنّ تأثر وزارة الخارجية بهذه اللجنة، أدى لتدهور وتراجع مريع في علاقات السودان الدولية إبان تلك الفترة لصالح الانقياد الأعمى لكل ما هو أجنبي، وأضحى التدخل في الشأن السوداني شيئًا اعتياديًا في ظل تمدد أصابع المخابرات الدولية وجواسيسها في عمق نظام الدولة السودانية.

وزاد بشير أنّ غالب الخبراء يرجعون ما خلق بالسودان ودخوله لهذه الحرب المدمرة، هو بسبب المساحات الكبيرة التي فتحتها قوى ثورة ديسمبر للأجنبي، لينخر بيده في كامل مؤسسات الدولة.

وعن جدوى الإصلاحات الإدارية التي اتخذتها وزارة الخارجية يقول الكاتب الصحفي بخاري بشير: إنّ الوزارة بمعالجة أخطاء لجنة التمكين والانصياع لقرارات المحكمة العليا قد وضعت يدها على الجرح لمداواته، مضيفًا أنّ قرار السيد الوزير علي يوسف الشريف وزير الخارجية بترقية كل السفراء الذين تأثروا من لجنة التمكين، هو عودة وأوبة إلى الحق، وإنقاذ مبدأ حفظ الحقوق وحفظ القانون.

وأشار بخاري إلى أنّ اللجنة المعنية أدخلت يدها الطويلة في كل مؤسسات الدولة السيادية والعسكرية والعدلية، وقد تجاوزها الزمن الآن بإنفاذ قرارات المحكمة العليا، إلّا أنّ إصلاح الخراب الذي خلق بالدولة تطلب جهودًا عديدة، وإرادةً صارمة، وهو ذات ما قامت به وزارة الخارجية مكتسبة ذلك بالرؤى الواسعة والتجربة العريضة للسيد الوزير، وأكمل: وكلنا يستذكر جيدًا تصريح الوزير علي يوسف إبان تقلده لهذا الموقع وقوله (إنّه سيعامل الجميع بعدالة وشفافية وفقًا لعطاء العاملين ولوائح الخدمة ولن يظلم أحدًا).
ومن هذه الجملة المفتاحية المبدئية بدأت خطوات الإصلاح داخل الوزارة بترقية (64) سفيراً بأثرٍ رجعيٍ وإعادتهم إلى الخدمة، نزولًا عند قرار المحكمة العليا، بعد أن تم فصلهم في أسوأ فصل من فصول السلم الدبلوماسي من قبل لجنة إزالة التمكين سيئة السمعة إبان عهد عبد الله حمدوك.

وشملت الترقيات 19 سفيرًا من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى، أبرزهم “عمر عيسى، أميرة قرناص، أنس الطيب الجيلاني، السفير الراحل ماجد يوسف، ميرغني أبكر الطيب، سليمان عبد التواب، أحمد يوسف الياس، الصادق عبد الله الياس وخالد شكري”.

ويقول بخاري إنّ جميع السفراء الذين تمت ترقيتهم ثقيلو الوزن، ما يبشر بأداءٍ فعال للوزارة التي عانت خلال السنوات الماضية بشواغر عديدة في كثير من المحطات التي كانت تدار بقائمين بالأعمال.

إعادة الاعتبار

وشملت الترقيات 45 سفيرًا من الدرجة الثالثة للثانية، ومن أبرزهم القائم بأعمال السفارة السودانية في لندن السفير أبوبكر الصديق، والقائم بأعمال سفارة السودان في رواندا خالد موسى، وسفير السودان في طهران عبد العزيز حسن صالح، وسفير السودان في أديس أبابا الزين إبراهيم، والقائم بأعمال سفارة السودان في غانا قريب الله خضر، ويوسف الكردفاني وسوسن محمد صالح.

الخبير والمحلل السياسي د. عمار العركي وصف قرار وزير الخارجية بتنفيذ الحكم القضائي وإعادة السفراء المفصولين تعسفيًا ثم ترقيتهم وابتعاث عدد كبير منهم إلى الخارج بالتاريخية ومؤثرة على عدة مستويات، سواءً من ناحية إعادة الاعتبار لمبدأ سيادة القانون، أو من حيث إعادة ترتيب البيت الدبلوماسي السوداني في ظل ظروف استثنائية تعيشها البلاد، مشيرًا إلى أنّ القرار أظهر التزامًا واضحًا بسيادة القانون واحترام استقلالية القضاء، وهو ما يعزز الثقة في مؤسسة وزارة الخارجية ويعطي رسالة إيجابية عن توجهاتها المستقبلية في عهد الوزير الحالي علي يوسف.

العركي قال إنّ الخارجية أظهرت بشكلٍ عام وتحديدًا منذ تولي السفير علي يوسف المنصب في نوفمبر 2024 نهجًا متميزًا في التعامل مع الملفات الحساسة، وتمكنت في فترة وجيزة من تحقيق اختراقات نوعية في العلاقات الخارجية رغم التحديات الجسام التي تواجه السودان، والاختراقات تلك مشهودة ومعلومة على المستوى الإقليمي والدولة، إضافةً إلى مجهوداته في إعادة هيكلة الوزارة بما يعزز كفاءتها ويضمن استمرارية العمل الدبلوماسي وفق أسس مهنية، وتطويع الظروف ونقص الموارد المادية والبشرية في ظل تداعيات وإفرازات الحرب المعلومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى