
الخرطوم : نبض الوطن
مقترح وطني لتأسيس هيئة استشارية من ضباط المخابرات المتقاعدين
دعمًا للأمن القومي واستقرار البلاد
تمر بلادنا اليوم بمرحلة استثنائية تتشابك فيها الأزمات الداخلية والخارجية ، وتزداد فيها تعقيدات المشهد الأمني والسياسي ، ما يستوجب إعادة النظر في أدوات الدولة لمواجهة التحديات المتصاعدة ، وتوسيع دائرة الاستفادة من الموارد الوطنية المؤهلة .
وفي هذا السياق ، يبرز المتقاعدون من ضباط جهاز المخابرات العامة كأحد أهم عناصر الكفاءة والخبرة التي لم تُوظف حتى الآن بالشكل المؤسسي المطلوب . لقد اكتسب هؤلاء الرجال ، عبر سنوات من العمل الميداني ، معرفة دقيقة بالواقع السوداني ، وفهماً عميقاً للتركيبة القبلية والاجتماعية ، إضافة إلى خبرات نوعية في مجالات التخطيط العملياتي ، والتفاوض ، والعمل الإعلامي المرتبط بالأمن القومي .
ومن بين هؤلاء : حيدر حسن أبشر .. السفير عثمان السيد فضل السيد .. جبير عبد الشافع جابر .. محمد نجيب عبد المجيد .. حسن محمد عبد الحفيظ .. فائز الكردفاني .. محمد مصطفى الشبانة — وهم خبراء في قضايا غرب أفريقيا ( الليبية ، التشادية ، أفريقيا الوسطى، والدول الفرانكفونية ) .
وكذلك د. محمد مصطفى السناري، حسن نديم ، إبراهيم أبشر — وهم خبراء في شؤون شرق أفريقيا (إثيوبيا ، إريتريا ، البحر الأحمر ، جنوب السودان ، كينيا، ويوغندا) .
كما يُعد محمد الحسن الركابي من الأسماء النادرة ، ويُوصف بأنه موسوعة في المخابرات .
رغم أن القوات المسلحة، في بعض الأحيان ، تستعين ببعض هؤلاء الخبراء بصورة غير رسمية للمساعدة في مهام محددة ، إلا أن هذه الخطوات لا ترتقي إلى مستوى الاستجابة الوطنية المطلوبة . إن حوجة الدولة لمثل هذه الكفاءات لن تتراجع ، بل ستزداد مع استمرار الحرب وتعقّد مساراتها .
عليه ، نرفع إلى سيادتكم مقترحًا بتأسيس هيئة وطنية رسمية تُعنى بضم نخبة من المتقاعدين الأمنيين كمستشارين في مجالات الأمن والاستراتيجية ، وتعمل تحت مظلة الدولة كمؤسسة تقدم الرأي والمشورة الفنية للجهات السيادية والتنفيذية ، وتُساهم في لجان الطوارئ والأزمات ، إضافة إلى مهام التدريب والتأهيل وبناء القدرات في الأجهزة النظامية المختلفة .
كما يمكن أن تُكلف هذه الهيئة بمهام التنسيق مع مراكز الأبحاث والدراسات الأمنية الإقليمية والدولية ، بما يُسهم في نقل المعرفة الحديثة ومواكبة التطورات المتسارعة في هذا المجال الحيوي .
ولعل من المفيد التذكير بأن العديد من الدول الكبرى والفاعلة — مثل روسيا ، الولايات المتحدة، الصين ، المملكة المتحدة، إسرائيل ، إيران ، كوريا الشمالية ، مصر ، تركيا ، والهند — تعتمد بشكل كبير على ضباط مخابراتها المتقاعدين كمصادر دائمة للخبرة والدعم ، ولا تُفرط فيهم أو تُقصيهم بعد انتهاء خدمتهم النظامية ، بل تعيد دمجهم في مؤسسات الدولة كمستشارين وخبراء أو قادة مراكز استراتيجية .
إن تأسيس هيئة كهذه في السودان سيُسهم في :
أولا/ الحفاظ على الكوادر النادرة ومنع تسربها خارج المؤسسات الوطنية .
ثانيا/ تقليل تدخل العناصر غير المؤهلة في الشأن الأمني .
ثالثا/ دعم جهود إصلاح القطاع الأمني من الداخل .
رابعا/ تعزيز مرونة الدولة في إدارة الأزمات الحالية والمستقبلية .
ختامًا ، فإن هذا المقترح لا ينطلق من منطلق شخصي أو فئوي ، بل من شعور وطني عميق بالمسؤولية ، وحرص على استقرار الوطن وبقائه . نأمل من سيادتكم النظر في هذا الطرح بعين الاعتبار ، واتخاذ ما ترونه مناسبًا في هذا الاتجاه .
حافظ يوسف
22/ إبريل/ 2025