رصد : نبض الوطن
في تطور لافت، تقدمت جمهورية صربيا بطلب رسمي إلى محكمة العدل الدولية للتدخل في القضية التي رفعها السودان ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، والمتعلقة باتهامات بالإبادة الجماعية. ويأتي هذا التحرك في إطار المادة 62 من النظام الأساسي للمحكمة، التي تتيح للدول غير الأطراف في النزاع التدخل إذا رأت أن لها مصلحة قانونية قد تتأثر بالحكم الصادر في القضية.
وتُعد خطوة صربيا امتدادًا لسوابق قانونية مشابهة، حيث سبق أن تدخلت دول في قضايا لم تكن طرفًا مباشرًا فيها، مثل تدخل مالطا في قضية الجرف القاري بين تونس وليبيا عام 1981، وتدخل إيطاليا في قضية مماثلة بين ليبيا ومالطا، إضافة إلى تدخل نيكاراغوا في نزاع الحدود البرية والبحرية بين السلفادور وهندوراس، وأخيرًا تدخل كولومبيا في قضية جنوب أفريقيا المتعلقة بغزة عام 2024.
ويستند مبدأ التدخل في هذه القضايا إلى حماية الدول لمصالحها من تأثيرات قانونية محتملة قد يشكلها الحكم، خاصة إذا كانت تلك الدول مرتبطة بالقضية بشكل مباشر أو غير مباشر.
وعلى الرغم من أن طلب صربيا يُعد مقبولًا من الناحية الإجرائية والقانونية، إلا أن دلالاته السياسية قد تصب في صالح السودان، حيث يُنظر إلى التدخل الصربي كمؤشر على ارتباك موقف الخصم، أو كنوع من الدعم الضمني لحليف يواجه مأزقًا قانونيًا ومعنويًا.
ومن المنتظر، وفقًا للمادة 83 من لائحة المحكمة، أن تحيل المحكمة طلب صربيا إلى طرفي النزاع – السودان والإمارات – لإبداء ملاحظاتهما عليه، تمهيدًا للبت في قبول الطلب من عدمه.
ويرى مراقبون أن الخطوة الصربية قد منحت السودان دفعة إعلامية وسياسية، وأسهمت في توسيع نطاق الاهتمام الدولي بالقضية، بما قد ينعكس على مسار السجالات القانونية والإعلامية المحيطة بها. ويُعتقد أن هذا التحرك، سواء أكان مدفوعًا بحسابات استراتيجية أو مجرد “نيران صديقة”، يمثل فرصة ذهبية للسودان لإعادة طرح قضيته على نطاق أوسع، بغض النظر عن طبيعة الحكم الذي ستصدره المحكمة لاحقًا.
