اخبار السودان

مسيّرات الدعم السريع… جرائم حرب تحت نظر العالم

رصد : نبض الوطن

استهدفت مليشيا الدعم السريع في وقت مبكر من صباح اليوم مطار بورتسودان الدولي بعدد من المُسيَّرات الانتحارية؛ بغرض تدميره واخراجه من الخدمة، وهو المطار الدولي الوحيد الذي يعمل في خدمة المواطنين السودانيين، المدنيين، منذ خروج مطار الخرطوم الدولي من الخدمة قبل عامين بواسطة مليشيا الدعم السريع أيضاً، وأمس الأول أيضًا استهدفت المليشيا مطار كسلا بعدد من المسيّّرات، تأتي هذه الأعمال العدائية تجاه الأعيان المدنية امتدادًا لسلسلة طويلة من الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع التي يصنِّفها القانون الدولي كجرائم حرب مكتملة الأركان.

 

جرائم الحرب
بدأت فكرة فرض قيود على الممارسات المرتكبة في النزاعات المسلحة في القرن السادس قبل الميلاد على يد المحارب الصيني صن تسو، وكان الإغريقيون أول من عدوا “المحظورات على الممارسات في النزاعات المسلحة” قانونًا.

الاستهداف الممنهج لمحطات توليد الطاقة الكهربائية والمطارات يستبطن استهدافاً للاقتصاد السوداني وتخريبه

وكانت أول محاكمة معروفة في هذا الخصوص ما أصدرته المحكمة المخصصة للإمبراطورية الرومانية المقدسة بحكم الإعدام لبيتر فون هاغنباخ عام 1474 في النمسا، وذلك لارتكابه أعمالًا وحشية أثناء احتلال برايزاخ.

وبين عامي 1993 و1994 وسعت المحكمتان الدوليتان الخاصتان بيوغسلافيا السابقة ورواندا من مفهوم تلك الجرائم لتشمل “انتهاكات جسيمة” أخرى لاتفاقيات جنيف الأربع.

ثم نصت المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن “جرائم الحرب” تعني:

الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 أغسطس/آب 1949، وأي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة:

القتل العمد.

التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية.

تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة.

إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها بدون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة.

إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية.

تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية.

الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع.

أخذ رهائن.

وبالنظر إلى القائمة التي تحتوي على ثمانية بنود لتعريف الأفعال العدائية كجرائم حرب نجد أن مليشيا الدعم السريع قد ارتكبتها جميعًا دون أن يطرف لها جفن، وكأنها تسخر من القانون الدولي وهيئاته، والمجتمع الدولي، أو انها تعتقد أن هنالك تواطؤ ما سيجعله يغض الطرف عن هذه الجرائم المرتكبة بحق المدنيين والعزل، وممتلكاتهم، والبنية التحتية للدولة السودانية والتي باتت جميعها هدفًا لمسيرات المليشيا وتدوينها على المناطق البعيدة عن الحرب وشرارتها، وتستهدف حرمان المدنيين من الحصول على خدمات المياه والكهرباء بتدميرها المتصل لمحطات توليد الطاقة الكهربائية.

استهداف محطات الطاقة الكهربائية
بعد الهزائم العسكرية المتلاحقة التي تلقتها المليشيا من قبل القوات المسلحة السودانية، في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض، استعصمت المليشيا بالولايات الغربية، وبدأت هجمات تخريبية عبر الطائرات المسيَّرة على محطات توليد الطاقة الكهربائية في جميع مدن السودان؛ بدأتها بسد مروي الذي يمد مدنًا سودانية عديدة بالطاقة، ثم استهدفت ولايات الخرطوم ونهر النيل والشمالية والنيل الأبيض بعدد كبير من المسيّرات التي خرَّبت محطات إمداد الطاقة في كثير من المدن بهذه الولايات، غرق نصف السودان في الظلام لفترات تطول وتقصر قبل أن تقوم الطواقم الهندسية بالصيانة في حال كان التخريب محدودًا.

استهداف السودان
الاستهداف الممنهج لمحطات توليد الطاقة الكهربائية يستبطن استهدافًا للاقتصاد السوداني وتخريبه، فالكلفة الباهظة لإنشاء محطات توليد طاقة كهربائية ومن ثم صيانتها، تكلِّف السودان أموالاً طائلة، مع تعطُّل كافة العمليات الإنتاجية التي تقوم بالأساس على الطاقة الكهربائية كالصناعة والزراعة، فبسبب الحرب تعطلت مئات المصانع وتوقفت المشاريع الزراعية في كثير من مناطق السودان، ليبقى السؤال حائرًا لماذا تقوم مليشيا تدِّعي سعيٍّها لإنشاء حكومة موازية بتخريب الاقتصاد والمرتكزات الرئيسية له؛ إلا إذا كان هدف الحرب بالأساس قائمًا على تدمير السودان وبنيته التحتية واقتصاده وجيشه، وما المليشيا إلا واحدة من هذه الأدوات لاستهداف السودان ككل.

منذ بدء الحرب؛ ظل هدفها غامضًا، يراوح بين سرديات مختلفة، تتغير كل مرة حسب خطاب مليشيا الدعم السريع؛ فبالنسبة للجيش فإن الحرب قامت ضد قوة عسكرية تمردت على الجيش، أما المليشيا فظلت تغير سرديتها كل مرة حسب مجرى الحرب، مرة بسبب الإطاري، ومرة لجلب الديمقراطية، ومرات بسبب التهميش، وتارةً يتبدى خطاب المليشيا عنصريًا وجهويًا واضحًا على ألسنة قادتها الكبار، الذين ظلوا يتوعدون ولايات بعينها ومكونات اجتماعية بعينها.

استهداف المواطن السوداني
منذ بدء الحرب، استهدفت المليشيا المواطن السوداني استهدافًا مباشرًا، حيث قامت بإعدام المواطنين واعتقالهم وتغييبهم قسريًا واحتلال المنازل، ونهبها، ونهب السيارات والممتلكات وتدميرها، فما لم تستطع المليشيا حمله معها من بيوت المواطنين تقوم بتخريبه وتدميره تدميرًا كاملًا، لذا كان مشهد المواطنين وهم يغادرون المدن والقرى والمناطق التي تستهدفها المليشيا إلى المناطق التي تقع تحت نفوذ الجيش؛ هو المشهد الثابت طوال هذه الحرب التي استمرت عامين، فلماذا يغادر مواطن منزله نحو المجهول إذا كان آمنًا فيه ولا يستهدفه أحد؟

نصت المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن “جرائم الحرب” تعني الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 أغسطس/آب 1949

 

عرف المواطنون العزل أنهم أهداف أساسية في هذه الحرب لذا فروا من الخرطوم إلى مدني ساعة سيطرة المليشيا على الخرطوم، وفروا مرة أخرى من مدني نحو سنار لحظة دخول المليشيا إلى مدني ومنها إلى القضارف؛ وفي الجنينة فر من نجا من المجزرة نحو تشاد، وظل المواطنون يهربون من كل مكان تطأه أقدام المليشيا لأنهم عرفوا وأبصروا بأم أعينهم ما فعلته جحافلهم بمن سبقوهم، القتل والتنكيل والانتهاك، وكل الأفعال التي ترقى إلى مصاف جرائم الحرب، حسب الوصف القانوني الدقيق لها، استهداف المواطن، استهداف البنية التحتية، استهداف الاقتصاد، استهداف الممتلكات والأعيان المدنية

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى