مقالات الرأى

الكهرباء في السودان.. وجع صامت وسط دمار الحرب

 

بقلم :  مُصعب نور
مدير تطوير الأعمال
دال للطاقة

 

في ظل الدمار في البنية التحتية الذي خلفته الحرب في السودان، تبرز معاناة الكهرباء كواحدة من أكثر الأوجاع الصامتة التي يعاني منها المواطنون، رغم أنها تمس كل جوانب الحياة اليومية.

الكهرباء ليست مجرد ضوء في المنازل أو وسيلة لتشغيل الأجهزة، بل هي شريان الحياة الذي يغذي قطاعات حيوية كالإنتاج الزراعي والصناعي، والمياه، والمستشفيات، والاتصالات، والتعليم. ومع انهيار منظومة الكهرباء، انهارت معها أسس الحياة الطبيعية.

*الدمار يبدأ من الجذور*

قبل اندلاع الحرب، كان السودان يعتمد في توليد الكهرباء على مزيج من المحطات الحرارية والمائية. إلا أن الحرب لم تترك لهذه البنية الأساسية أي فرصة للبقاء؛ حيث تم تدمير غالبية المحطات الحرارية بشكل شبه كامل.

لكن المأساة الأكبر لم تكن في التوليد فقط، بل في نظام النقل الكهربائي. فقد تعرّضت شبكات النقل إلى سرقات واسعة النطاق، استهدفت الكابلات والمحولات وكل ما يحتوي على النحاس. ويبدو أن الأمر لم يكن عشوائيًا، بل جرى وفق عمليات ممنهجة تدرك جيدًا قيمة النحاس في السوق العالمية، حيث يبلغ سعر الطن حوالي عشرة آلاف دولار، ويُباع الخردة بنصف هذا المبلغ تقريبًا.

وبذلك، طالت الحرب في السودان قطاع الكهرباء من ضمن القطاعات الحيوية الأخرى بما يمكن تسميته بـ”حرب النحاس”، نظرًا لكمية السرقات الضخمة والممنهجة التي طالت البنية التحتية للكهرباء.

*انهيار كامل للقطاع*

اليوم، يعاني السودان من ضعف شديد في التوليد الكهربائي، وشبكة نقل شبه مدمرة، فيما غادرت الكوادر الفنية والهندسية المؤهلة إلى الخارج بحثًا عن الأمان والفرص.

*رغم الدمار… فرصة جديدة*

ورغم هذا الواقع القاتم، يرى البعض أن السودان يمتلك فرصة نادرة لإعادة بناء قطاع الكهرباء من جديد، لكن هذه المرة بطريقة مبتكرة تعتمد على الطاقة المتجددة، خصوصًا الطاقة الشمسية، إلى جانب إنشاء شبكات صغيرة (Mini-Grids) تخدم القرى والمزارع والمصانع بشكل مستقل ومرن.

قد تكون الحرب قد دمرت الكثير، لكنّها فتحت أيضًا بابًا لإعادة التفكير في شكل الخدمات الحيوية، وعلى رأسها الكهرباء. وإذا ما استُثمرت هذه الفرصة بالشكل الصحيح، فقد تشهد البلاد تحولًا تاريخيًا في بنيتها التحتية… وربما تصبح الكهرباء في السودان أفضل مما كانت عليه يومًا.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

تعليق واحد

  1. الفساد الإداري تحت رعاية الدوله أدى إلى إنهيار البنيه التحيه وأهمها قطاعات الكهرباء والمياه
    والحرب شماعة ذلك متى ينتهي الريبورتات في إدارة الدولة ومتى يعود الضمير ليجد المواطن العدل وتنزاح القبلي والعنصرية بعد أن أصبحت الكهرباء حكرا للرئيس وحاشيته وأعوانه وعشير ته
    اللهم عليك بكل طاغية ظالم جبار ومن عاونه وسانده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى